الباحثة في التنمية البشرية
سالي عبيد
يعتبر الكاتب والفيلسوف الانكليزي (فرنسيس بيكون) هو حلقة الاتصال بين الماضي والحاضر، حيث يرى أن الفلسفة قد اعتراها الجمود، في حين أن الفنون الآلية كانت تنمو وتتكامل وتزداد قوة ونشاطا على مر الزمن. أدرك بيكون أن تراجع الفلسفة يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها النهضة الأوروبية التي خلقت روحا أدبية جعلت الناس يهتمون بالأساليب والكلمات ويهملون المعاني. وكذلك أن لرجال الفلسفة أثر في تراجع الفلسفة بحسب رأيه، إذ خرجوا بها عن موضوعها واعتمدوا فيها على الثرثرة الكاذبة، إضافة إلى تعصب الناس وتمسكهم بالعادات القديمة والعقائد الموروثة، وعدم التثبت في دراسة الأمثلة والطفرة في الوصول إلى نتائج.
وقد أدرك بيكون بأن العيب الأساسي في طريقة التفكير لدى فلاسفة اليونان والعصور الوسطى، هو الاعتقاد السائد بأن العقل النظري وحده كفيل بالوصول إلى العلم، ورأى أن الداء كله يكمن في طرق الاستنتاج القديمة التي لا يمكن أن تؤدي إلى حقائق جديدة، فالنتيجة متضمنة في المقدمات. لاسيما أنه انتقد تراث أفلاطون وأرسطو بأسره وظهر له بأن الفلسفة المدرسية شيء مليء بالثرثرة، غير واقعي وممل للغاية، كما أنها لم تؤد إلى نتائج، وليس هناك أمل في تقدم العلوم خطوة واحدة إلا باستخدام طريقة جديدة تؤدي إلى الكشف عن الجديد وتساعد على الابتكار لما فيه خير للإنسانية. وقد حمل بيكون الفلسفة التقليدية وزر الجمود العلمي والقحط العقلي، في الوقت نفسه، يستغرب عجزها عن الإسهام الفاعل في رفاهية الإنسان وتقدمه وسعادته. ويرى بيكون أنه قد وجد الطريقة الصحيحة في الصيغة الجديدة التي وضعها للاستقراء، ويقصد به منهج استخراج القاعدة العامة (النظرية العلمية) أو القانون العلمي من مفردات الوقائع استنادا إلى الملاحظة والتجربة. (كتاب: فرنسيس بيكون فيلسوف المنهج التجريبي الحديث).
أما فلاسفة اليونان فقد ميزوا ما بين اتجاهات ثلاثة رئيسية في تناول الفلسفة وهي:
الاتجاه الأول: أن الفلسفة تتناول موضوعات تتعدى حدود التجربة الإنسانية وتدلي بشأنها بآراء تدعي أنه لا شك في حقيقتها.
الاتجاه الثاني: يركز على أن الفلسفة تتكلم عن ظواهر لا يمكن أن تصل إليها المعرفة الحسية أو الإدراك الحسي.
الاتجاه الثالث: ركز على مجموعة أخرى من المشكلات الأساسية التي تتناول من حيث المبدأ عملية التفكير والإدراك الحسي. (المعرفة في الفلسفة اليونانية من طاليس حتى أرسطو: رسالة ماجستير: محمد حسن أحمد).
بالتالي عندما نتأمل فلسفة الحياة نقف امام سؤال الا وهو: ما الغاية من وجودنا ولماذا نعيش؟
اما التنمية البشرية تضعنا في سؤال آخر، هو كيف نعيش وكيف نحقق ذاتنا ونطور امكانياتنا؟
وهذا يؤكد على أن هناك علاقة مترابطة وشاملة بين التنمية البشرية وفلسفة الحياة. لاسيما أن أبرز هذا الترابط في فكرة التوازن بين العقل والروح، فالحياة لا تبنى على جانب واحد بل تحتاج الى انسجام بينهما، كما ان كلاهما يعترف ان الحياة في تغيير دائم ومستمر. بيد ان الفلسفة الأفلاطونية ترتكز منذ القدم على مجموعه من الافكار والمعتقدات التي أبرزها ثلاثية الانسجام بين (النفس والعقل والجسد).
وفي عصرنا الحالي تركز التنمية البشرية والفلسفة، على ان التغيير هو قانون طبيعي وحتمي لا يتوقف، كما تركز أيضا على ان النجاح في التغيير والتطور نحو الافضل.
من هنا فان الهدف واحد هي السعادة، والسعادة ليست حلم صعب تحقيقه، ولكنها نتيجة للمعرفة والتطوير المستمر لمواكبة متغيرات الحياة. بالمقابل هناك من يرى أن السعادة لا تتحقق إلا بتوفر الظروف المثالية. وهذا خطا شائع، ربما لأن الظروف المثالية قد لا تتوفر بصورة بسيطة، عليه سيكون هناك تحديات وضغوط.
من هذا المنطلق، فإن السعادة لا تتحقق عندما يصبح كل شيء كامل وعلى ما يرام، بل عندما تكون راضي بحياتك وسعيد رغم كل الصعوبات التي تواجهها. هنا تكون خطواتك صحيحة، وصادقه وتحديدا في تغيير وجهة نظرك للمستقبل.
وفقا لما تقدم، ما يهمنا من الفلسفة الرؤية، وما يهمنا من التنمية البشرية الادوات، لكي نحيا حياة متوازنة، وسعادة حقيقية، ثم نمارس حياتنا في حدود يومنا حتى لا نفسد سعادتنا، بالعودة الى الماضي والقلق والخوف من المستقبل. بمعنى نعيش في حدود يومنا ولا نفسد سعادتنا بذكرى الماضي او هم الغد. (كتاب المفكر ديل كارنجي: دع القلق وابدا الحياة).
لاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر الفيس بوك لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر كوكل بلس لمتابعة كل جديد
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر تويتر لمتابعة كل جديد .
تابعلاتنسى الاعجاب بصفحتنا عبر اليوتيوب لمتابعة كل جديد .
تابع